نونا الدلوعه الــمــديـــرة
عدد المساهمات : 685 تاريخ التسجيل : 02/01/2011 الموقع : عنايات
| موضوع: أروع قصص الحب الجمعة يناير 07, 2011 9:48 am | |
| الحديث عن العظماء يأخذ بمجامع القلوب و تشرأب إليه أعناق أولي النهى تزدان بسيرهم المجالس و تعطر بأخبارهم الأندية و يتوق إلى معرفة سيرهم أصحاب الهمم و عشاق المعالي فما بالكم إخوتي إذا كان الحديث عن إمام العظماء و أشرف الشرفاء و سيد النبلاء ما بالكم إذا كان الحديث عن البدر يسري بضوئه متعة للسامرين و دليلاً للحائرين بل هو الشمس تهدي نورها وجه الأرض فيتلألأ ضياء و نوراً ولد الهدى فالكائنات ضياء *** وفم الزمان تبسم و ثناء الروح و الملأ الملائك حوله *** للدين و الدنيا به بشراء و الوحي يقطر سلسلاً من سلسل *** و اللوح و القلم البديع رواء يوم يتيه على الزمان صباحه *** و مساءه بمحمد وضاء بك بشر الله السماء فزينت *** و تضوعت مسكاً بك الغبراء يا من له الأخلاق ما تهو العلا *** منها و ما يتعشق الكبراء زانتك في الخلق العظيم شمائل *** يغرى بهن و يولع الكرماء حديثنا عن الشمس التي أشرقت فعمت بنورها الكون كله و لكن البون بينها وبين شمسنا شاسع جداً فشمسنا تغرب و شمسه صلى الله عليه و سلم تبقى منيرة إلى قيام الساعة قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً *وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً )الأحزاب46 و قال تعالى : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ )المائدة15 قال الإمام الطبري رحمه الله : [{ من الله نور } يعني بالنور محمدا صلى الله عليه وسلم الذي أنار الله به الحق وأظهر به الإسلام ومحق به الشرك فهو نور لمن استنار به...] تفسير الطبري ج4صـ501ـ عن عرباض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اني عبد الله وخاتم النبيين فذكرفيه إن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام ) قال: شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح لغيره قال جابر رضي الله عنه : ( رأيت رسول الله في ليلة أضحيان ـ أي ليلة مضيئة لا غيم فيها ـ فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و إلى القمر و عليه حلة حمراء فإذا هو أحسن عندي من القمر ) رواه الترمذي عن أنس بن مالك قال : لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء ولما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي وإنا لفي دفنه حتى أنكرنا قلوبنا) رواه الترمذي و قال الألباني: صحيح حديثنا أيها الكرام عن السراج المنير الذي امتن الله به علينا فأنار القلوب بعد ظلمتها و أحياها بعد مواتها و هداها بعد ضلالتها و أسعدها بعد شِقوتها فكان صلى الله عليه و سلم الصباح بعد ليل طويل مظلم بهيم : بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البرية ظلمة سوداء فتفتقت بالنور أركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح ضياء و مضى السلام على البسيطة صافياً *** تروى به الفيحاء و الجرداء حتى صفت للكون أعظم شرعة *** فاضت بجود سخائها الأنحاء يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الأرجاء حديثنا عن الرحمة المهداة و النعمة المسداة كنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله به قال تعالى (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103) حديثا عن أروع قصص الحب و لكن من المُحب ؟ و من المحبوب ؟ و ما نوع الحب ؟ أما المُحب فالشجر و الحجر و والجبل و السهل و الحيوان و الطير , و الحديث عن حب البشر له فشيء آخر و حديث آخر ما بالكم بحب أعين اكتحلت بالنظر إلى وجهه الكريم و آذان تلذذت بسماح حديثه ما بالكم بحب من جالسه و عاشره صلى الله عليه و سلم لا شك أنه حبٌ لم يُشهد مثله على وجه البسيطة. أما المحبوب فهو خير من مشى على الأرض و خير من طلعت عليه الشمس بل هو شمس الدنيا و ضياؤها بهجتها و سرورها ريقه دواء و نفثه شفاء و عرقه أطيب الطيب أجمل البشر و أبهى من الدرر يأسر القلوب و يجتذب الأفئدة متعة النظر و شفاء البصر إذا تكلم أساخت له لقلوب قبل الأسماع فلا تسل عما يحصل لها من السعادة و الإمتاع كم شفى قلباً ملتاعاً و كم هدى من أوشك على الهلاك و الضياع . قال ابن الجوزي رحمه الله في وصفه : [ من تحركت لعظمته السواكن فحن إليه الجذع ، و كلمه الذئب ، و سبح في كفه الحصى ، و تزلزل له الجبل كلٌ كنى عن شوقه بلسانه يا جملة الجمال ، يا كل الكمال ، أنت واسطة العقد و زينة الدهر تزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر ، و البحر على القطر و السماء على الأرض . أنت صدرهم و بدرهم و عليك يدور أمرهم ، أنت قطب فلكهم ، و عين كتبهم و واسطة قلادتهم ، و نقش فصهم و بيت قصدهم . ليلة المعراج ظنت الملائكة أن الآيات تختص بالسماء فإذا آية الأرض قد علت . ليس العجب ارتفاع صعودهم لأنهم ذوو أجنحة ، إنما العجب لارتفاع جسم طبعه الهبوط بلا جناح جسداني ... ] . المحبوب هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم . أما نوع الحب فيكفي أنه حب أنطق الحجر و حرك الشجر و أبكى الجذع و أسكب دمع البعير فما بالك بإنسان له جنان يفيض بالحب و الحنان ؟ فهيا أخي المبارك نتجول في بستان المحبة نختار من قصص الحب أروعها و نقتطف باقة عطرة من ذلك البستان الذي مُلئ بأجمل الأزهار و أعبقها : القصة الأولى : الجذع يحن : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : ( كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها فلما صنع له المنبر وكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها فسكنت ) رواه البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة فقالت امرأة من الأنصار أو رجل يا رسول الله ألا نجعل لك منبرا قال إن شئتم فجعلوا له منبرا فلما كان يوم الجمعة دفع إلى المنبر فصاحت النخلة صياح الصبي ثم نزل النبي صلى الله عليه وسلم فضمها إليه تئن أنين الصبي الذي يسكن قال كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها ) رواه البخاري و زاد في سنن الدارمي بسند صحيح قال : ( أما و الذي نفس محمد بيده لو لم التزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة حزناً على رسول الله صلى الله عليه و سلم ) فأمر به فدفن . كيف ترقى رقيك الأولياء *** يا سماء ما طاولتها سماء إنما مثلوا صفاتك للناس *** كما مثّلَ النجومَ الماءُ حن جذع إليك و هو جماد *** فعجيب أن يجمد الأحياء كان الحسن رحمه الله يقول : يا معشر المسلمين الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم شوقاً إلى لقائه فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه . عن عمرو بن سواد عن الشافعي رحمه الله : ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً فقلت : أعطى عيسى إحياء الموتى . قال: أعطي محمداً حنين الجذع حتى سمع صوته فهذا أكبر من ذلك . يحن الجذع من شوق إليك **** و يذرف دمعه حزناً عليك و يجهش بالبكاء و بالنحيب **** لفقد حديثكم و كذا يديك فمالي لا يحن إليك قلبي **** و حلمي أن أقبل مقلتيك و أن ألقاك في يوم المعاد **** و ينعم ناظري من وجنتيك فداك قرابتي و جميع مالي **** و أبذل مهجتي دوماً فداك تدوم سعادتي و نعيم روحي **** إذا بذلت حياتي في رضاك حبيب القلب عذر لا تلمني **** فحبي لا يحق في سماك ذنوبي أقعدتني عن علو **** و أطمح أن أُقرب من علاك لعل محبتي تسمو بروحي **** فتجبر ما تصدع من هواك القصة الثانية : الحمامة تشتكي : عبد الله بن مسعود عن أبيه رضي الله عنه قال : ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة فأخذناهما قال فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تصيح فقال النبي صلى الله عليه وسلم من فجع هذه بفرخيها قال فقلنا نحن قال فردوهما) رواه أبو داود والحاكم و قال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه جاءت إليك حمامة مشتاقة *** تشكو إليك بقلب صب واجف من أخبر الورقاء أن مقامكم *** حرم و أنك منزل للخائف القصة الثالثة : الجمل يبكي : عن عبد بن جعفر قال : (أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفا أو حايش نخل فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا فيه ناضح له فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ذفراه وسراته فسكن فقال من رب هذا الجمل فجاء شاب من الأنصار فقال أنا فقال ألا تتقى الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكاك إلى وزعم أنك تجيعه وتدئبه ) رواه الإمام أحمد قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم. عن يعلى بن مرة الثقفي رضي الله تعالى عنه قال: ثلاثة أشياء رأيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يسنى عليه قال فلما رآه البعير جرجر فوضع جرانه فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أين صاحب هذا البعير ) فجاءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بعنيه) قال : بل نهبه لك وإنه لأهل بيت مآلهم معيشة غيره قال : (أما إذ ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقلة العلف فأحسنوا إليه ) قال: ثم سرنا حتى نزلنا منزلا فنام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له فقال : ( هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله فأذن لها ) قال ثم سرنا فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره ثم قال: ( اخرج إني محمد رسول الله ) قال ثم سرنا فلما رجعنا من مسيرنا مررنا بذلك الماء فأتته المرأة بجزر ولبن فأمرها أن ترد الجزر وأمر أصحابه فشربوا اللبن فسألها عن الصبي فقالت والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك ) . قال الهيثمي :رواه أحمد بإسنادين والطبراني بنحوه وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح و صححه الألباني. القصة الثالثة : الحجر و الشجر يسلم من فرط الحب : عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لا أعرف حجر بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم و الترمذي و الإمام أحمد وعن علي رضي الله تعالى عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فخرجنا في بعض نواحيها فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله. القصة الرابعة : الطعام و الحجر يسبح : روى علقمة عن عبد الله قال إنكم تعدون الآيات عذابا وإنا كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بركة لقد كنا نأكل الطعام مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسمع تسبيح الطعام قال وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بإناء فوضع يده فيه فجعل الماء ينبع من بين أصابعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم حي على الوضوء المبارك والبركة من السماء حتى توضأنا كلنا )رواه الترمذي و قال: هذا حديث حسن صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال :" إني لشاهد عند رسول الله في حلقة وفي يده حصى فسبحن في يده وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فسمع تسبيحهن من في الحلقة ". أخرجه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين، والبزار واسناد الطبراني صحيح رجاله ثقات . لئن سبحت صـم لجبال مجيبــه *** لداود أو لان الحديد المصفـح فإن الصخور الصُـــمَّ لانت بكفه *** و إن الحصا في كفـه ليسبِّـح وإن كان موسى أنبع الماء من العصـا *** فمن كفه قد أصبح الماء يطفـح القصة الخامسة : الحجر و الشجر يسجد : عن ابن عباس قال : جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يداوي ويعالج فقال : يا محمد إنك تقول أشياء هل لك أن أداويك ؟ قال : فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله ثم قال : ( هل لك أن أريك آية ) ؟ وعنده نخل وشجر فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عذقا منها قأقبل إليه وهو يسجد ويرفع رأسه ويسجد ويرفع رأسه حتى انتهى إليه صلى الله عليه وسلم فقام بين يديه ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ارجع إلى مكانك ) فقال العامري : والله لا أكذبك بشيء تقوله أبدا ثم قال : يا آل عامر بن صعصعة والله لا أكذبه بشيء) رواه ابن حبان و قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح و في قصة رحلته صلى الله إلى الشام التي رواها الترمذي و صححها الألباني قال الراهب : ( هذا سيد العالمين بعثه الله رحمة للعالمين . فقال له أشياخ من قريش ما علمك ؟ فقال : إنكم حيث أشرفتم منم العقبة لم يبق شجر و لا حجر إلا خر ساجدا و لا يسجدون إلا لنبي و إني لأعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه ...الحديث أكرم بَخَلق نبي زانه خُلُق *** بالحق مشتملٍ بالبشر مُتّسمِ كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ *** والبحر في كرم والدهر في هِمَمِ جاءت لدعوته الأشجار ساجدة *** تمشي إليه على ساقٍ بلا قدمِ ياربّ أزكى صلاةٍ منك دائمة *** على النبي بمنهَلًّ ومنسجمِ ما رنّحت عذبات البان ريح صبا *** وأطربت نغمات الآي من أُمم القصة السادسة : الجبل يهتز فرحاً برسول الله صلى الله . عن أنس رضي الله عنه قال صعد النبي صلى الله عليه و سلم جبل أحد و معه أبو بكر و عمر و عثمان رضي الله عنهم فرجف بهم الجبل ، فقال : ( اثبت أحد فإنما عليك نبي و صديق و شهيدان ) رواه البخاري قال بعض الدعاة و إنما اهتز فرحاً و طرباً و شوقاً للقاء رسول صلى الله عليه و سلم و صحبه لا تلوموا اُحداً لاضطراب *** إذ علاه فالوجد داءُ أُحد لا يلام فهـو محبٌ *** ولكم أطرب المحب لقاءُ وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال : ( هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها) رواه البخاري السابعة : الشجر يطيع النبي و يسارع إلى إجابته و يستأذن في السلام عليه : و عن يعلى بن مرة عن أبيه قال : سافرت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأيت منه شيئاً عجباً ، نزلنا منزلاً ، فقال انطلق إلى هاتين الشجرتين ، فقل إن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لكما أن تجتمعا ، فانطلقت فقلت لهما ذلك ، فانتزعت كل واحدة منهما من أصلها فمرت كل واحدة إلى صاحبتها فالتقيا جميعاً ، فقضى رسول الله حاجته من ورائها ثم قال : انطلق فقل لهما : لتعد كل واحدة إلى مكانها ، فأتيتهما فقلت ذلك لهما ، فعادت كل واحدة إلى مكانها ، و أتته امرأة ، فقالت إن ابني هذا به لمم ـ مس من الجن ـ منذ سبع سنين يأخذه كل يوم مرتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أدنيه ) فأدنته منه فتفل في فيه ، و قال : أخرج عدو الله أنا رسول الله ثم قال لها رسول الله إذا رجعنا فأعلمينا ما صنع ، فلما رجع رسول الله استقبلته و معها كبشان و أقط و سمن ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : خذ هذا الكبش و اتخذ منه ما أردت ، قالت و الذي أكرمك ما رأينا شيئاً منذ فارقتنا ، ثم أتاه بعير ، فقام بين يديه ، فرأى عيناه تدمعان ، فعث إلى أصحابه ، فقال : ما البعير كم هذا البعير يشكوكم ؟ فقالوا : كنا نعمل عليه ، فلما كبر و ذهب عمله تواعدنا عليه لننحره غداً فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تنحروه ، و اجعلوه في الإبل يكون معها ) صححه الحاكم و وافق الذهبي و صححه الأرناؤط . و عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا قال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أين تريد ) قال إلى أهلي قال هل لك في خير ؟ ) قال : ما هو ؟ قال ( تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده و رسوله ) قال : من شاهدٌ على ما تقول ؟ قال ( هذه الشجرة ) فدعاها رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خداً حتى جاءت بين يديه فاستشهدها ثلاثاً فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى منبتها و رجع الأعرابي فقال إن يبايعوني آتك بهم و إلا رجعت إليك فكنت معك ) رواه الدارمي . القصة الثامنة : الأسد يودع مولى رسول الله : عن محمد بن المنكدر : أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ركبت البحر فانكسرت سفينتي التي كنت فيها لوحا من ألواحها فطرحني اللوح في أجمة فيها الأسد فأقبل إلي يريدني فقلت : يا أبا الحارث أنا مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم فطأطأ رأسه و أقبل إلي فدفعني بمنكبه حتى أخرجني من الأجمة و وضعني على الطريق و همهم فظننت أنه يودعني فكان ذلك آخر عهدي به ) رواه الحاكم و قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه و وافقه الذهبي فتأمل أخي إلى تعظيم هذا المخلوق وتوقيره و محبته لرسول الله فما إن سمع أسم رسول الله حتى طأطأ رأسه و بدل من أن يهم بمولاه دله على الطريق و ودعه . نماذج من حب البشر : القصة الأولى : أبو بكر الصديق عن عروة بن الزبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أخبرني بأشد ما صنعه المشركون برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال بينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقا شديدا فأقبل أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) رواه البخاري القصة الثانية : الصديق يبكي فرحاً : قالت عائشة رضي الله عنها : ( فرأيت أبا بكر يبكي و ما كنت أحسب أن أحداً يبكي من الفرح ) القصة الثالثة : خشيت ألا أراك روى الطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي و إنك لأحب إلي من ولدي و إني لأكون في البيت فإذكرك فما اصبر حتى أتي فأنظر إليك و إذا ذكرت موتي و موتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين و أني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه و سلم شيئاً حتى نزل جبريل عليه السلم بهذه الآية : ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) (النساء:69) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن عمران و هو ثقة . القصة الرابعة : أسألك مرافقتك في الجنة : عن ربية بن كعب رضي الله عنه : ( كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتيته بوضوئه , و حاجته ، فقال لي : ( سل ) فقلت : أسألك مرافقتك في الجنة . قال أو غير ذلك ) قلت : هو ذاك قال : ( فأعني على نفسك بكثرة السجود ) رواه مسلم . القصة الخامسة : كل مصيبة بعد جلل روى ابن جرير الطبري في التاريخ عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأُحد ، فلما نُعوا لها قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيرا يا أم فلان . هو بحمد الله كما تحبين قالت : أرنيه حتى أنظر إليه ، فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جلل . تريد صغيرة . القصة السادسة : لا أرضى أن يشاك بشوكة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط سرية عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدأة وهو بين عسفان ومكة ذكروا لحي من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم تمرا تزودوه من المدينة فقالوا هذا تمر يثرب فاقتصوا آثارهم فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤا إلى فدفد وأحاط بهم القوم فقالوا لهم : انزلوا وأعطونا بأيديكم ولكم العهد والميثاق ولا نقتل منكم أحدا قال عاصم بن ثابت أمير السرية أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر اللهم أخبر عنا نبيك فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن في هؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم فأبى فقتلوه فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة بعد وقعه بدر فابتاع خبيبا بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا فأخبرني عبيد الله بن عياض أن بنت الحارث أخبرته أنهم حين اجتمعوا استعار منها موسى يستحد بها فأعارته فأخذ ابنا لي وأنا غافلة حين أتاه قالت فوجدته مجلسه على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها خبيب في وجهي فقال تخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب والله لقد وجدته يوما يأكل من قطف عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمر وكانت تقول إنه لرزق من الله رزقه خبيبا فلما خرجوا من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب ذروني أركع ركعتين فتركوه فركع ركعتين ثم قال لو لا أن تظنوا أن ما بي جزع لطولتها اللهم أحصهم عددا ولست أبالي حين أقتل مسلما *** على أي شق كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشأ *** يبارك على أوصال شلو ممزع فقتله بن الحارث فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبرا فاستجاب الله لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه خبرهم وما أصيبوا وبعث ناس من كفار قريش إلى عاصم حين حدثوا أنه قتل ليؤتوا بشيء منه يعرف وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا " . أخرجه البخاري و النسائي و أبو داود و في بعض الروايات : فقال له أبو سفيان( أيسرك أن محمدا عندنا نضرب عنقه وإنك في أهلك ؟ فقال لا والله ما يسرني إني في أهلي وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه ) القصة السابعة : الصديق يتمنى سرعة اللحاق عن عائشة رضي اله عنها قالت : إن أبا بكر رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال : ( أي يوم هذا ؟ ) قالوا يوم الاثنين ) قال : ( فإن مت من ليلتي فلا تنتظروا بي الغد فإن أحب الأيام و الليالي إليّ أقربها من رسول الله صلى الله عليه و سلم ) رواه أحمد و صححه أحمد شاكر . القصة الثامنة : لا يخلص إلى رسول صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : بعثني رسول الله (( صلى الله عليه وسلم)) يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي إن رأيته فأقرئه مني السلام وقل له يقول لك رسول الله (( صلى الله عليه وسلم)) كيف تجدك ؟ قال فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمق وبه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم فقلت يا سعد إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) يقرأ عليك السلام ويقول لك أخبرني كيف يجدك ؟ فقال وعلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) السلام قل له يا رسول الله أجد ريح الجنة . وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله أن يخلص إلى رسول ( صلى الله عليه وسلم) وفيكم عين تطرف ، وفاضت روحه من وقته ) رواه البخاري، 844، ومسلم 3408. القصة التاسعة : غداً ألقى الأحبة عندما احتضر بلال رضي الله عنه قالت امرأته: واحزناه فقال: (بل وا طرباه غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه) فمزج مرارة الموت بحلاوة الشوق إليه صلى الله عليه و سلم . القصة العاشرة : أطيب الطيب عن أنس رضي الله عنه: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندها (أي من القيلولة) فعرق وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ فقال: يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب ". رواه مسلم . القصة الحادية عشر : ابن الزبير يشرب الدم كان النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم في طست فأعطاه عبد الله بن الزبير ليريقه فشربه فقال له: (لا تمسك النار إلا تحلة القسم، وويل لك من الناس، وويل للناس منك). وفي رواية: أنه قال له: ( يا عبد الله اذهب بهذا الدم فأهريقه حيث لا يراك أحد ) فلما بعُد عمد إلى ذلك الدم فشربه، فلما رجع قال: (ما صنعت بالدم؟ ) قال: إني شربته لأزداد به علماً وإيماناً، وليكون شيء من جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم في جسدي، وجسدي أولى به من الأرض فقال: (ابشر لا تمسك النار أبداً، وويل لك من الناس وويل للناس منك) رواه الحاكم و الطبراني وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير هنيد بن القاسم و هو ثقة. القصة الثانية عشر : نحري دون نحرك كان أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه يحمي رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة أحد و يرمي بين يديه ، و يقول ( بأبي أنت و أمي يا رسول الله لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحري دون نحرك ) رواه البخاري و عن قيس بن أبي حازم قال : ( رأيت يد طلحة شلاء ، وقى بها النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ) رواه البخاري. القصة الثالثة عشر : آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك روى ابن اسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدل صفوف أصحابه يوم بدر وفي يده قدح يعدل به القوم فمر بسواد بن غزية حليف بني علي ابن النجار وهو مستنتل من الصف فطعن في بطنه بالقدح وقال استو يا سواد فقال يا رسول الله أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل فاقدني فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه فقال استقد قال فاعتنقه فقبل بطنه فقال ما حملك على هذا يا سواد قال يا رسول الله حضر ما ترى فاردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير ] رواه ابن اسحاق و قال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني و رجاله ثقات . القصة الرابعة عشر : وما كنت أطيق أن أملأ عيني عن عمرو بن العاص رضي الله عنه: (... وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه ...) رواه مسلم القصة الخامسة: رضينا برسول الله قسما وحظا عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه فدخل عليه سعد بن عبادة فقال يا رسول الله ان هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الأنصار شيء قال فأين أنت من ذلك يا سعد قال يا رسول الله ما أنا الا امرؤ من قومي وما أنا قال فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة قال فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل ثم قال يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل قال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم أفلا ترضون يا معشر الأنصار ان يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرقنا ) رواه الإمام أحمد وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن فتأمل أخي المبارك إلى فرح الأنصار بفوزهم برسول الله قسماً تأمل إلى بكاء الفرح و هم يقولون بقلوبهم قبل ألسنتهم (رضينا برسول الله قسما وحظا ) طفح السور علي حتى أنني *** من كثر ما قد سرني أبكاني القصة السادسة عشر: عشر إليهم يحن قلبي عن عبدة بنت خالد بن معدان قالت : [ ما كان خالد يأوي إلى فراش إلا و هو يذكر من شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و إلى أصحابه من المهاجرين و الأنصار يسميهم و يقول : هم أصلي و فصلي و إليهم يحن قلبي طال شوقي إليهم فعجل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم ] القصة السابعة عشر: البكاء عند ذكر النبي صلى الله عليه و سلم : قال إسحاق التجيبي : كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بعده لا يذكرونه إلا خشعوا و اقشعرت جلودهم و بكوا و قال مالك ـ وقد سئل عن أيوب السختياني : [ ما حدثتكم عن أحد إلا و أيوب أفضل منه : و قال : وحج حجتين فكنت أرمقه و لا أسمع منه غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم بكى حتى أرحمه ] . وقال مصعب بن عبد الله : [ كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه و سلم يتغير لونه و ينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه فقيل له يوما في ذلك فقال لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم علي ما ترون و لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه ] . الشفا ج2صـ32 القصة الثامنة عشر: أعطني عينيك أقبلها قال ثابت البناني لأنس بن مالك رضي الله عنه : أعطني عينيك التي رأيت بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أقبلها . حُق له أن يُحب لماذا كل هذا الحب ؟ سؤال يطرح و يكرر فإنه حب لم يشهد الكون علويه و سفليه مثله . رجل كل شيء في الكون يحبه السماء بمن فيها و الأرض بمن عليها كل يحبه و يشتاق إليه فما أعظمه من رجل و ما أجله من نبي و أعزه من رسول صلى الله عليه و سلم . كأن الثريا علقت في جبينه *** و في جيده الشِّعرى و في وجهه القمرُ عليه جلال المجد لو أن وجهه *** أضاء بليلٍ هلَّل البدو و الحضرُ لقد نال صلى الله عليه و سلم كل هذا الحب و هو قليل في حقه لأنه جمع خصال و صفات لم ولن تجتمع في غيره من بني البشر و لعلي ألمح في السطور القادمة إلى بعض ذلك مع عجزي عن ذكر عُشرِ المعشار من عظيم ما حباه الله إياه من جميل الصفات و كريم الخصال صلوات ربي و سلامه عليه . أولاً : عظم بركته و خيره صلى الله عليه و سلم على جميع المخلوقات : فقد كان مولده صلى الله عليه و سلم بشارة خير و نور و بكرة و ضياء للكون بأسره فقد رأت أمه حين وضعته نوراً أضاءت منه قصور الشام , و جاء صلى الله عليه و سلم بالدين الذي إذا أقيم واقعاً في الحياة صبت السماء بركاتها و أخرجت الأرض خيراتها ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) الأعراف96 فما أعظم بركاته عليه الصلاة و السلام بركات ينعم بها الطير و الحيوان و الدواب و النبات و الإنسان . فأقل ما تهبه هذه المخلوقات لهذا النبي صلى الله عليه و سلم الحب الصادق فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان . ثانياً : عظيم رحمته صلى الله عليه و سلم بجميع المخلوقات : يقول الله تعالى : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) الأنبياء107 و قال تعالى : ({فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ )آل عمران159 يقول سيد رحمه الله [ فهي رحمة الله التي نالته ونالتهم ; فجعلته صلى الله عليه و سلم رحيما بهم , لينا معهم . ولو كان فظا غليظ القلب ما تألفت حوله القلوب , ولا تجمعت حوله المشاعر . فالناس في حاجة إلى كنف رحيم , وإلى رعاية فائقة , وإلى بشاشة سمحة , وإلى ود يسعهم , وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم . . في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ; ويحمل همومهم ولا يعنيهم بهمه ; ويجدون عنده دائما الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضاء . . وهكذا كان قلب رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم وهكذا كانت حياته مع الناس . ما غضب لنفسه قط . ولا ضاق صدره بضعفهم البشري . ولا احتجز لنفسه شيئا من أعراض هذه الحياة , بل أعطاهم كل ما ملكت يداه في سماحة ندية . ووسعهم حلمه وبره وعطفه ووده الكريم . وما من واحد منهم عاشره أو رآه إلا امتلأ قلبه بحبه ; نتيجة لما أفاض عليه صلى الله عليه وسلم من نفسه الكبيرة الرحيبة ] الظلال ج1صـ. و قد عمت رحمته و شمل إحسانه صلى الله عليه و سلم كل شيء الطير و الحيوان والنمل و الشجر و الإنسان ألم يقل صلى الله عليه و سلم : ( إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شيء . فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة . وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح . وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته ) رواه ابن ماجه و صححه الألباني رحمه الله ألم يقل صلى الله عليه و سلم ( في كل ذات كبد رطب أجر ) رواه مسلم ألم يوصي صلى الله عليه و سلم بالبهائم فقال : ( اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة ...) رواه أبو داود و رأى صلى الله عليه و سلم قرية من النمل قد حرقت قال : ( من حرق هذه ؟ ) فقلنا نحن قال : ( إنه لا ينبغي لأحد أن يعذب بالنار إلا رب النار ) رواه أبو داود و أحمد . ألم يقل صلى الله عليه و سلم : (صلى الله عليه وسلم : إن قامت على أحدكم القيامة وفي يده فسلة فليغرسها) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ألم يقل: ( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه أبو داود و صححه الألباني. فما أعظم رحمته صلى الله عليه و سلم فقد كان أرحم بنا من الآباء و الأمهات و صدق من قال: و إذا رحمت فأنت أم أو أبٌ *** هذان في الدنيا هم الرحماء وإذا سخوت بلغت بالجود المدى *** و فعلت ما لم تفعل الأنواء و صدق صلى الله عليه و سلم حين قال : ( إنما أنا رحمة مهداة ) رواه الحاكم و صححه . ثالثاً :عظيم حرصه على هداية أمته : وقال تعالى: ( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) التوبة 128 قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى :[ هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة ] ا.هـ وروى مسلم عن ابن عمرو: أن رسول الله تلا هذه الآية: ( رب إنهن أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) و ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم). فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد وربك أعلم فسله فأتاه جبريل فسأله، فأخبره بما قال: وهو أعلم، فقال الله يا جبريل: اذهب إلى محمد فقال: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك). وروى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي شاملة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً). لقد وصل به الأمر صلى الله عليه و سلم إلى أن استولت عليه الحسرة و كاد يقتل نفسه حرصاً على أمته حتى عاتبه ربه فقال تعالى : ( فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ) الكهف6 و قال عز وجل : ( لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )الشعراء3 و قال سبحانه : ( فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ) فاطر8 و تأمل في عظيم شفقته بأمته حين يضرب هذا المثل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها ) رواه البخاري قال القاضي عياض رحمه الله : [أما إحسانه و أنعامه على أمته فكذلك قد مر منه في أوصاف الله تعالى له من رأفته بهم و رحمته لهم و هدايته إياهم و شفقته عليهم و استنفاذهم به من النار و أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم و رحمة للعالمين و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا و يتلوا عليهم آياته و يزكيهم و يعلهم الكتاب و الحكمة و يهديهم إلى صراط مستقيم فأي إحسان أجل قدرا و أعظم خطرا من إحسانه إلى جميع المؤمنين ؟ و أي إفضال أعم منفعة و أكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين إذ كان ذريعتهم إلى الهداية و منقذهم من العماية و داعيهم إلى الفلاح و وسيلتهم إلى ربهم و شفيعهم و المتكلم عنهم و الشاهد لهم و الموجب لهم البقاء الدائم و النعيم السرمد فقد استبان لك أنه صلى الله عليه و سلم مستوجب للمحبة الحقيقية شرعا بما قدمناه من صحيح الآثار و عادة و جبلة بما ذكرناه آنفا لأفاضته الإحسان و عمومه الإجمال فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفأ أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذي بها قليل منقطع ـ فمن منحه ما لا يبيد من النعيم و وقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب و إذا كان يحب بالطبع ملك لحسن سيرته أو حاكم لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته ـ فمن جمع هذه الخصال على غاية مراتب الكمال أحق بالحب و أولى بالميل ] الشفا ج2 صـ24 ثالثاً : عظم تضحيته و شدة الأذى الذي لحقه في سبيل تبليغ الدين : عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت : للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري و عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر رسول الله صلى : الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ذلك وقال اللهم عليك الملأ من قريش : أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و عقبة بن أبي معيط و أمية بن خلف أو أبي بن خلف ـ شك شعبة ـ قال : فلقد رأيتهم يوم بدر وألقوا في بئر غير أن أمية تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر ) رواه ابن حبان رابعاً : كمال نصحه للأمة. لقد كان صلى الله عليه وسلم صادق النصح لأمته صلى الله عليه و سلم أفنى عمره دعوة و نصحاً و بيان و بلاغاً فنصح أعظم النصح و بلغ غاية البلاغ من قال الله له : ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ *قُمْ فَأَنذِرْ }المدثر2 يقول سيد معلقاً على قوله تعالى (قُم) في سورة المزمل :[ إنها دعوة السماء , وصوت الكبير المتعال . . قم... قم .. . قم للأمر العظيم الذي ينتظرك , والعبء الثقيل المهيأ لك ...قم للجهد والنصب والكد والتعب . قم فقد مضى وقت النوم والراحة . . قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد . . وإنها لكلمة عظيمة رهيبة تنتزعه صلى الله عليه وسلم من دفء الفراش , في البيت الهادئ والحضن الدافئ . لتدفع به في الخضم , بين الزعازع والأنواء , وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء . إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحا , ولكنه يعيش صغيرا ويموت صغيرا . فأما الكبير الذي يحمل هذا العبء الكبير . . فماله والنوم ? وماله والراحة ? وماله والفراش الدافئ , والعيش الهادئ ? والمتاع المريح ?! ولقد عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الأمر وقدره , فقال لخديجة - رضي الله عنها - وهي تدعوه أن يطمئن وينام: " مضى عهد النوم يا خديجة " ! أجل مضى عهد النوم وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الطويل الشاق ! ] الظلال ج6 ص3744 بل بلغ به الأمر أن يعجز عن الصلاة قائما فعن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة : ( ... أكان يصلي جالسا قالت بعد ما حطمه الناس ) رواه أحمد و قال شعيب الأرنؤوط إسناده صحيح . فما أعظم المنة بمبعثه عليه الصلاة و السلام و صدق الله : (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) آل عمران164و قال تعالى : ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) آل عمران164 خامساً : عظيم أخلاقه قال تعالى : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) القلم4 . و عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) رواه الحاكم و قال صحيح على شرط مسلم و وافقه الذهبي . قال الإمام السعدي رحمه الله عند قوله تعالى : { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، [عائشة -رضي الله عنها-] لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ } [الآية]، { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، [والآيات] الحاثات على الخلق العظيم فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أم | |
|