مفاهيم خاطئة عن الزواج والعمل
حملنا
هذه الآراء إلى الداعية المصرية د.زينب كمال الأستاذة بكلية التربية جامعة
الأزهر حيث تقول : " خروج المرأة إلى العمل من الأسباب الرئيسية التي
تسببت في ارتفاع معدلات تأخر الزواج في عالمنا العربي والإسلامي وذلك لعدة
أسباب:
1-المفهوم
الخاطئ للزواج بأنه أصبح مجرد ارتباط يشبع الناحية العاطفية فقط بين
الزوجين، وعدم تفهم دور الزواج وتأثيره الخطير في تكوين المجتمعات الصالحة.
2-المفاهيم
المغلوطة التي تقتنع بها بعض الفتيات أن العمل هو الوسيلة العظمى لتحقيق
الذات، والاستقلالية، وبناء الشخصية ، وتكوين المال الخاص، وهذا مفهوم قائم
على الأنانية، فيجب أن تدرك الفتيات أن نجاحها وإثباتها لذاتها يأتي من
خلال نجاحها في تكوين أسرة مسلمة، ومن تربيتها لأبنائها التربية الصالحة
فهم الأجيال القادمة اللذين سيتحملون أعباء النصر.
3-تطالب
بعض الفتيات الشاب المتقدم لخطبتها أو حتى زوجها بعد ارتباطهما بالماديات
الباهظة، أو الإنفاق الجيد عليها، وألا يقل مستوى معيشتها عما كانت عليه في
بيت أبيها، وذلك مبني على الشرع الذي يكلف الرجل بالإنفاق، فكيف تنفذ
المرأة شرع الله من جانب وتركه من جانب آخر، الذي جعل من حق الرجل أن تكون
زوجته بجانبه في البيت ترعاه وترعى أبناءها لقوله صلى الله عليه وسلم "
كلكم
راع وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في
أهله و مسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها"
رواه البخاري.
وبالتالي
فقد تسبب عمل الفتاة في تفويت الفرص على الشباب المطلوب منه السعي على
الرزق والزواج والإنفاق على أسرته ، فنجد مع تكاليف الزواج الباهظة أن هناك
الكثير من الشباب بدون عمل، وبالتالي فكرة الزواج عنده تكون بعيدة جداً
وصعبة المنال، وللأسف تزداد المشكلة تعقيداً عندما نجد بعض الفتيات لا يضعن
فكرة الزواج في قائمة الأهداف المطلوب تحقيقها، وينسين أنها فطرة وضعها
الله في الرجل والمرأة.
وهناك
بعض الأسباب غير المقنعة التي ترددها الفتيات عند خروجهن للعمل منها أنها
لن تجلس في البيت في انتظار من يتقدم لخطبتها وعليها أن تشغل وقتها حتى
ذلك، وهنا فليس شرطاً أن تشغل وقتها بالعمل، بل عليها أن تدرس القرآن
الكريم، أو تلتحق بإحدى المعاهد التي تدرس العلوم الشرعية، وأخريات يقتنعن
أنهن يجب أن يكون لديهن دخل خاص وذلك تحسباً لعدم الزواج، وهنا فيجب عليهن
الأخذ بالأسباب حتى لا تعطل هدفها النبيل في الزواج بمزاحمة الرجال في
العمل والزواج كالرزق بيد الله عز وجل، وإذا لم يحدث فالله عز وجل يقول: "
وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ
اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ".
بالعمل ليست بحاجة " لظل الرجل "
وتختلف معها بعض الشيء الإعلامية
وفاء سعداوي أستاذ التفسير وعلوم القرآن حيث تقول: "المفروض أن خروج البنات للعمل يوفر لهن فرصا أكبر للزواج لأنه
يزيد مساحة التعارف، وإقامة علاقات مع زميلات العمل مما يحقق لها انتشارا
اجتماعيا يزيد من عدد المتقدمين لها، ولا اعتقد أن الخروج للعمل السبب
الأول أو الرئيسي في زيادة نسبة العنوسة، لكنه يساهم في إطار الظروف
والأسباب الأخرى في وجود المشكلة؛ فعندما يكون عملها يحقق لها مركزا أدبيا
ويوفر لها دخل عال لاشك يقلل فرصها في عدد المتقدمين للزواج من ناحية، ومن
ناحية أخرى يصعب اختيارها لمن يناسبها لأنها لم تعد بحاجة إلى "ظل رجل" كما
تعتقد الكثير من الفتيات.
كما
أن العمل يوسع مساحة اختلاط البنت بالمتزوجات اللائي ينقلن تجاربهن بما
فيها من معاناة بل قد يبدين ندمهن على دخولهن قفص الزوجية ويحسدنها على ما
تتمتع به من حرية واستقلال مادي مما يجعلها حذرة متأنية جدا في الإقبال على
الزواج فتؤثر السلامة برفض، أو تأجيل فكرة الزواج، كما أن الرغبة في
النجاح وتحقيق المستقبل في العمل يجعلها تتقدم في السن وتمر السنون دون أن
تشعر، وكلما كبرت كلما تغيرت مفاهيمها وصعب إقناعها، فالفتاة في سن صغيرة
يسهل إقناعها بالفكرة ويسهل اختيارها فمازالت مفاهيمها نسبيا بريئة تجاه
الزواج والأسرة.
ورغم
ذلك لا أرى المشكلة في خروج الفتاة للعمل، فقد يكون خروجها للعمل ضرورة
اجتماعية كأن يكون المجتمع في حاجة لعملها في مجالات لا يصلح للعمل بها إلا
المرأة كالتدريس للبنات وتمريض وطب النساء والولادة، أو تكون هي في حاجة
للعمل كأن يكون ليس لها عائل، فالعمل إذا كان بنية، فإنه يزيد الفتاة وعيا
وترتيبا لأفكارها ويجعلها أكثر قدرة على فهم الحياة وفهم طبيعة مجتمعها
وتحديد دورها تجاه نفسها والمجتمع وأكثر قدرة على اختيار الأدوات التي تؤدى
بها هذا الدور، وفى الأجيال السابقة نماذج كثيرة لنساء حققن نجاحا أدبياً
ومادياً وهن زوجات، وأخريات ذوات حسب ونسب ومال وتزوجن رجالا فقراء وكن نعم
الزوجات الصالحات، ولنا في قصة زواج النبي من أم المؤمنين خديجة قدوة حسنة
، ولعله بهذه الزيجة قدم للأمة نموذج للزيجة الناجحة رغم التفاوت في السن
والمال، لصحة معايير الاختيار قبل الزواج والتعامل بالقيم والمبادئ في إطار
الفطرة بعد الزواج فكانت حياة مباركة سوية.