عبر العصور ومنذ بدء الخليقة وتواجد
الإنسان على الأرض اجتمعت كافة الأديان السماوية أن الله سبحانه وتعالى
خلق الرجل والمرأة للتعايش والإنجاب لاستمرار تواجد البشر على الأرض. ولو
ألقينا نظرة على الماضي نجد أن التركيز فيه كان على المرأة باعتبارها
المسئولة عن الإنجاب. ورغم التطور الحضاري والعلمي عبر العصور ظلت المرأة
غير القادرة على الإنجاب تعاني من مختلف المشاكل الاجتماعية والنفسية، وظل
الرجل يرفض الاعتراف بأنه قد يكون السبب لأنه يتصور أن ذلك يقلل من قيمته
ورجولته أمام الآخرين، هذا رغم أن التطور العلمي والنهضة الحضارية الحديثة
ثبت أن لكل من المرأة والرجل مشاكل صحية معينة تعيق أو تؤخر عملية الإنجاب.
والعلم وصل مراحل متقدمة جداً لحل حتى أكثر الحالات تعقيداً. والبحوث لا
زالت تجري لحل كافة المشاكل القليلة المتبقية. ورغم الصعوبات التي قد
يعانيها الزوجان نفسياً واجتماعيا أو مادياً في العلاج، فإن النتائج
الإيجابية التي تتزايد يوماً بعد يوم تجعل هذه المشكلة تستحق الصبر
والمثابرة والإصرار والثقة بالطبيب المعالج. أو الفريق المعالج. بدأت
الدراسات عن نمو البويضة ونضجها حوالي سنة 1930 واستمرت البحوث لتحسين
القدرة على الإنجاب، وتطورت كذلك العقاقير المستعملة لهذا الغرض، حتى كان
أول انتصار علمي سجله التاريخ عندما نجحت عملية الإخصاب خارج الرحم ( طفل
الأنابيب I.V.F) عام 1978 لسيدة في بريطانيا وتمخضت العملية عن ولادة طفلة
لهذه السيدة تدعى ( لويزا براون) في 28 تموز في مدينة أولدام Oldham وكانت
الولادة بعملية قيصرية. وتجدر الإشارة هنا إلى إن تجارب الإخصاب خارج الرحم
ابتدأت مع الثدييات ( الحيوانات التي تحمل وترضع كالإنسان من هذه الناحية
). ورغم بعض الصعوبات والعوائق الاجتماعية التي واجهت هذه التجارب حينذاك
أخذت هذه البحوث عام 1980 الصيغة القانونية والدينية بالسماح رغم أن ذلك
تحدد أيامها بشروط معينة يجب أن تتوافر في الزوجين، كأن يكون الزوجان
سليمين من الناحية الصحية، الرجل الطبيعي والزوجة لديها دورة شهرية منتظمة (
حيض ) ورحم Uterusوعمر الزوجين أقل من 35 سنة، وأن تكون السيدة قد أجريت
لها عملية استئصال قناتي فالوب. كانت هذه الشروط في البداية واجبة لكي يحصل
الزوجان اللذان سيخضعان لتجربة طفل الأنابيب على الموافقة القانونية
أيامها، ومع تطور التجارب والنجاح المطرد بدأ استعمال الأدوية المنشطة
للمبيض في حالة وجود كسل فيه أو كون الدورة الشهرية غير مخصبة، وكلما ظهر
نجاح جديد في الأفق تم الإقلال من الشروط القاسية التي وضعت سابقاً.
ونود الإشارة هنا إلى أن جهوداً عمليةً مضنية وطويلة ابتدأت تقريباً مع
بداية القرن العشرين للتوصل إلى حل لما تبقى من المشاكل الصحية التي لم
تحل، وتطورت الأدوية التي تساعد على تنشيط وتنظيم عمل المبيض، أي أن ما
يوصف لك اليوم عزيزتي الزوجة، عزيزي الزوج من علاجات سواء الحقن ( الإبر )
أو العقاقير التي تؤخذ عن طريق الفم، أو التداخلات الجراحية هي خلاصة مسيرة
عملية طويلة. ولأن هذه العلاجات أغلبها تقريباً عبارة عن هرمونات كالتي
تفرز طبيعياً في جسم الإنسان فقد لوحظ من خلال التجارب العلمية الأولية
أنها إن أخذت من الحيوانات المولودة قد تحفز جهاز المناعة في جسم الإنسان
وتؤدي إلى رفض جسم الإنسان لها مما دفع العلماء إلى إجراء المزيد من
التجارب والدراسات. وأخيراً، تم استخلاصها من جسم الإنسان نفسه، وكمثال على
ذلك حقن الـ (HMG) التي تم استخلاصها من بول السيدات اللواتي يبلغن سن
اليأس. علماً بأن العلماء توصلوا مؤخراً إلى صنع هرمونات نقية من دون
الحاجة إلى اللجوء إلى بول السيدات وتدعى هذه الحقن Recombinant FSH. وهذا
واحد من أمثلة كثيرة نذكرها هنا لنذكر القارئة والقارئ العزيزين بأن كل ما
يوصف لهما من عقاقير طبية أو إجراءات مخبريه أو عمليات هي عصارة جهد طويل،
تأكد الباحثون خلاله من نجاح كل هذه الأدوية والعمليات قبل أن يُقدم
الأطباء الأخصائيون على استخدامها للعلاج.