البحث عن الحرية والديمقراطية الجمعة، 8 أبريل 2011 - 01:17
د. عصام خليفة يكتب:
ما أجمل الديمقراطية والحرية! إنهما وجهان لعملة واحدة، ومكملان
لبعضهما، فلا يوجد ديمقراطية بدون حرية، ولا حرية بدون ديمقراطية، فهما
كجناحى الطائر، إذا انكسر احدهما لا يستطيع الطيران.
كنا نحلم بديمقراطية وحرية، ولكن من أى نوع؟ وما مقوماتها؟ وتذهب بنا إلى
أين؟ أسئلة كثيرة قد تبدو سهلة التطبيق، ولكنها ظلت أسيرة الحلم، فالحرية
بمفهومها البدائى أن تكون حرا دون أن تجور على حرية الآخرين، وهى إعلاء شأن
المجتمع، والوطن ونبذ الذات، ولكى تمارسها لابد أن تكون فى دولة
ديمقراطية.
ولكن حدثت فى الآونة الأخيرة بعد الثورة حرية وديمقراطية زائدة عن الحد،
نتيجة عدم ممارسة الحياة السياسية والاجتماعية على الوجه الأمثل، وأدت إلى
أثر عكسى بسبب الجور، والتطاول على حرية الآخرين، ودون النظر لمصلحة للوطن،
والبحث عن أمجاد فردية، هذا يؤدى إلى بقاء الأقوى، وليس الأصلح.
سوف نجد ديمقراطية وحرية غير فعالة، فإن كل الحرية هى قمة القيد، وإذا
انكسر القيد عمت الفوضى، نجد أنواعا جديدة من الحرية والديمقراطية فى
الشارع المصرى، فيها حرية سياسية وحرية دينية وحرية أنا حر فى مرورى وبيتى
وأفعالى.
على سبيل المثال رأينا فى الحرية السياسية إشهار عدد كبير من الأحزاب، قد
يفوق عددها جميع الأحزاب السياسية الموجودة فى أمريكا ودول الاتحاد
الأوروبى مجتمعة، وقد يفسر البعض ذلك أنها حرية، نعم إنها حرية، ولكن ما
جدوى أن يكون الحزب قائما على فكرة وليس رؤية سياسية؟ إنها بلا شك حرية
تؤدى إلى تشتت أفكار وجهود المجتمع، فالفكرة يمكن أن تتغير، أما الرؤية
السياسية فهى باقية وصامدة.
إن شباب التحرير قاموا بتأسيس عدد من الأحزاب، رغم الرؤية الواضحة للثورة،
ويقولون إن الثورة سرقت منهم! ولم يسألوا أنفسهم ولو لمرة واحدة كيف يؤمن
الناس بأفكارهم، وهم مشتتون فى عدد من الأحزاب نتيجة اختلاف الفكرة وليس
الرؤية؟
فى مثل هذه الحالة تكون الحرية هدامة، وليس بناءة، فإن فى الاتحاد
والائتلاف قوة، فكنت شخصيا أحلم أن يتم تأسيس حزب واحد، يجمع كل شباب ميدان
التحرير دون النظر لطائفة أو فكر أو دين مبنى على رؤية واحدة، ففى هذه
الحالة يكون هؤلاء الشباب مثلا، وقدوة للديمقراطية والحرية البناءة.
فالديمقراطية والحرية فى هذه الحالة تحتاج إلى إنكار الذات، وإعلاء قيمة
الوطن، والرؤية، فيكون هؤلاء الشباب أكثر تأثيرا إيجابيا فى المجتمع، ولن
يستطيع أحد القفز فوق أكتاف الثورة.
من الصعب ممارسة الحرية والديمقراطية فى ترسيخ انتصار فئة على أخرى، وبلورة
موضوع الاستفتاء على الدستور على أنه فتح ونصر مبين لمن قال نعم، فالفائز
أو الخاسر هو فى النهاية مصر.
ليس معنى أن يكون لك حرية دينية أن تجور على حدود الآخرين، مثل هدم أضرحة
أولياء الله الصالحين، فهذه ليست حرية، هذا يصل بنا إلى منطق استخدام
القوة، وسيادة ديمقراطية الأقوى، والعودة إلى ديمقراطية ما قبل الثورة.
هل هناك ديمقراطية وحرية سلفية وأخرى علمانية وليبرالية وأخرى صوفية؟
ظهرت الحرية الرياضية، فبعد الانفلات الأمنى حدث انفلات شعبى فى مباراة
لكرة القدم، فظهرت الحرية لنزول مئات من الجماهير لأرض الملعب، حرية إن
تسير عكس الاتجاه من جمعوا القمامة ثم أعادوا إلقائها مرة أخرى فى الشارع،
حرية أن يتحكم الطلبة الجامعيون فى تعيين أعضاء هيئة التدريس فى الجامعات،
ففى أكثر جامعات العالم ديمقراطية من حق الطالب تقييم عضو هيئة التدريس
طريق ملئ استطلاع للرأى، وليس الصوت العالى والتطاول، فأين هى الديمقراطية
والحرية.